منتدى عشاق الزهراء
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى عشاق الزهراء

منتدى يهتم بالمول النسائي
 
الرئيسيةالتسجيلدخولأحدث الصور

 

 كيف نفهم القرآن (للسيد محمد رضا الشيرازي الحسيني "قده") ..الجزء الرابع ..

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Ayat




عدد الرسائل : 38
تاريخ التسجيل : 18/06/2008

كيف نفهم القرآن (للسيد محمد رضا الشيرازي الحسيني "قده") ..الجزء الرابع .. Empty
مُساهمةموضوع: كيف نفهم القرآن (للسيد محمد رضا الشيرازي الحسيني "قده") ..الجزء الرابع ..   كيف نفهم القرآن (للسيد محمد رضا الشيرازي الحسيني "قده") ..الجزء الرابع .. Emptyالجمعة يونيو 20, 2008 1:09 pm

السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة



كيف نفهم القرآن
السيد محمد رضا الشيرازي الحسيني



معطيات التدبر في القرآن


لماذا التدبر في القرآن؟


هكذا يتساءل البعض، ويضيفون:




إننا نقرأ القرآن، ونستمع إلى تساؤلاته كل صباح ومساء، أفلا يكفينا هذا؟!


والجواب:

1 - التدبر في القرآن، هو الطريق الوحيد للاستفادة من آياته، والتأثر بها.

إن القراءة الميتة للقرآن لا تعني أكثر من كلمات يرددها اللسان دون أن تؤثر في واقع الفرد التأثير المطلوب.

أما (التلاوة الواعية) فهي تتجاوز اللسان، لكي تنفذ إلى القلب، فتهزّه، وتؤثر في اتجاهه.
لقد كان أولياء الله العارفون يتلون القرآن بوعي، فكانت جلودهم تقشعر، وقلوبهم ترتجف حين يقرأون آية، بل ربما كانوا يُصعقون لعظمة وقع الآية في نفوسهم.


لقد تلا الإمام الصادق (عليه السلام) آية في صلاته وردّدها عدد مرات فصعق صعقة، ووقع مغشياً عليه، ولما أفاق سأل عن ذلك، فقال:

(لقد كررتها حتى كأني سمعتها من المتكلم بها، فلم يثبت لها جسمي، لمعاينة قدرته).

وكانت الآية هي قوله تعالى: (
إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ
).


بل إن التدبر لحظات في القرآن الكريم، كان منعطفاً تغييرياً كبيراً، في حياة الكثير من العصاة والمجرمين.

فهذا (الفضيل بن عياض) كان في بداية حياته مجرماً خطيراً، وكان ذكر اسمه كافياً لإثارة الرعب في القلوب، لقد كان يقطع الطريق على القوافل، ويسلب المسافرين كل ما يملكون، وذات يوم وقعت نظراته على فتاة جميلة، فصمم في نفسه أمراً.

وفي نفس تلك الليلة، كان يتسلق جدار ذلك البيت الذي تسكن فيه الفتاة، وهو ينوي الاعتداء عليها واغتصابها، وفي هذه الأثناء، تناهى إلى مسامعه صوت يتلو هذه الآية الكريمة:
(أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ).


فأخذ يفكر في الآية بضع ثوان، وأخذ يردد مع نفسه: (يا رب، بلى قد آن). ثم هبط من الجدار، وتولى بوجهه شطر المسجد فاعتكف فيه إلى الأبد.

إن التدبر في آية واحدة، حوّل هذا الرجل من مجرم متمرس بالجريمة، إلى معتكف في محراب العبادة، فكيف إذا تدبر الإنسان في كل القرآن، أفلا يتحوّل من رجل إلى ملك، بل إلى من هو فوق درجات الملك؟!

2 - التدبر في القرآن هو الطريق الوحيد لفهم (قيم القرآن) و (أفكاره) و (مبادئه) كما أنزلها الله سبحانه.

إن هنالك خيارات صعبة وعديدة تطرح أمام الفرد، وأمام الأمة، كل يوم، ولاختيار الطريق السليم بين هذه الخيارات، لابد من الرجوع إلى القرآن، والتدبر في آياته.

ومن هنا، يقول الله سبحانه:
(إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ).


ومن هنا أيضاً أطلق القرآن على نفسه اسم (الفرقان) ذلك لأنه يفصل ويفرّق بين الحق والباطل، والهدى والضلال، ولكن، لمن؟!

الجواب:

لمن يفهم آياته، ويتدبر فيها.


3 - هنالك مشاكل كثيرة يصطدم بها الإنسان في حياته، سواء المشاكل الفردية التي لا تتعدّى إطار الفرد ذاته، أو المشاكل الاجتماعية التي تصيب الجميع.

والقراءة الواعية للقرآن الكريم، والتدبر في آياته، يقومان بدور مزدوج في هذا المجال:

فهما يقومان من جانب، بتطهير ما علق في نفس الإنسان من سلبيات.


ومن هنا يقول الله سبحانه:

(قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ).

(وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ).

ويقومان من جانب آخر، بوضع البرامج السليمة، للخروج بحل ناجح لهذه المشاكل.

4 - وأخيراً، فإن التدبر في القرآن هو الطريق للعمل بما جاء فيه، وذلك لأن العمل بالقرآن يتوقف على فهمه، وفهم القرآن لا يمكن إلا بالتدبر في آياته.

ومن هنا، فإن الذين لا يتدبرون في القرآن سوف يفوتهم تطبيق الكثير من مبادئ الدين في حياتهم العملية، وهم لا يشعرون.



منهج التدبر في القرآن

قبل الحديث عن (منهج التدبر في القرآن)، لابد أن نعترف أن استعراضنا لهذا المنهج - هنا - هو استعراض ناقص، ويعود ذلك إلى عاملين:


أحدهما:

صعوبة الإحاطة بالمنهج بشكله المتكامل.


فالقرآن بحر عميق، لا يدرك غوره ولا تفنى عجائبه، كما يقول الإمام علي (عليه السلام). ومن هنا فإن الإحاطة به أمر صعب، إن لم يكن أمراً مستحيلاً.


وثانيهما:


إن بعض هذه المناهج قد تكون عسيرة الهضم على بعض القراء الكرام، ذلك لأن فهمها يرتبط باستيعاب علوم معينة، ومن هنا تركنا التعرض إلى تلك المناهج في هذا البحث.


وبعد معرفة هذه الحقيقة، ينتصب السؤال التالي:


ما هو منهج التدبر في القرآن؟


والجواب:

إن المنهج يعتد على طرح مختلف التساؤلات حول (الظواهر القرآنية)، فكل آية من القرآن الكريم مجال خصب لطرح تساؤلات عديدة، وعلى الفرد الذي يحاول التدبر في القرآن أن يستثير في عقله هذه التساؤلات، ومن ثم يحاول الإجابة عليها.


وهذه التساؤلات يجب أن تتناول ما يلي:

1 - معنى الكلمة.

2 - تخير الكلمة.

3 - موقع الكلمة.

4 - الشكل الخارجي.

5 - التسلسل المعنوي، والتناسب في الانتقال من غرض إلى غرض.

6 - التصنيف.

وسنشرح - فيما يلي - هذه الأمور:


أولاً:


معنى الكلمة

يتكون القرآن الكريم من كلمات، تماماً كما يتكون البناء من لبنات، ولذلك فمن الطبيعي أن تكون الخطوة الأولى لفهم القرآن الكريم، هي التدبر في الكلمات القرآنية.


ومع الأسف، فإن كثيراً ممن يقرأون القرآن لا يقومون بهذه المهمة، ولذلك فهم:


1 - إما أن لا يفهموا معاني الكلمات.

2 - أو يفهمونها بشكل مغلوط.

3 - أو بشكل باهت، لا يعكس المدلول الدقيق للكلمة.

وعن هذه الظاهرة الثالثة، ننقل فقرات من كتاب (بحوث في القرآن الحكيم):


(بالرغم من أن اللغة العربية أشمل وأدق وأجمل اللغات في أنها تعطي لكل حقيقة لفظاً قريباً يتناسب معها تماماً، وبالرغم من أن العرب اختاروا لكل تطور ينشأ في شيء لفظاً يخصه، ويوحي إلى تلك الحقيقة متلبسة بذلك التطور.

بالرغم من هذا وذاك، فإن الكلمات العربية اكتنفها الغموض مما أفقد إيحاء اللفظ وظلاله. فلم نعد - نحن العرب - نملك رهافة الحس [لنعرف الفرق] الذي كان بين لفظتي (قرب - اقترب) أو (فكر - افتكر) حتى لو لم نعد نعرف الفرق بين كلمتي (سار) و (سارب) و (دلك) و (أولج) وما أشبه.



ويعود ذلك إلى:

أولاً:


كثرة استعمال الألفاظ في غير معانيها الأدبية. فحينما يستعمل العربي كلمة (قرب) في المجال المحدد لـ (اقترب) أو حتى كلمة (سار) في موضع كلمة (سارب) تختلط ظلال الكلمتين مع بعضها وتضيع الإيحاءات الخاصة.


ثانياً:

تعلقت أذهاننا بمعاني جامدة ومحددة كألفاظ عربية، وفقدنا الشعور بمحور شعاع الكلمة. فنحن حينما نستعمل كلمة (جن) يتبادر إلى أذهاننا المخلوق الغريب دون أن نفكر ولا لحظة حول ارتباط كلمة (ج ن ن) مع هذا المخلوق. ونستعمل كلمة (جنين) دون أن نعرف أن هناك علاقة تتناسب بين معنى الولد في بطن أمه (جنين) ومعنى المخلوق الغريب (جن) وهي أن كليهما مستور عن أعين الناس.


وكذلك نطلق لفظة (الخمر) للدلالة على السائل المسكر، ونطلق لفظة (الخمار) للدلالة على الساتر لوجه المرأة، ولا نلاحظ أن علاقة اللفظين ببعضهما إنما هي من ناحية الستر، فهذا يستر الوجه وتلك تستر العقل.


وهكذا تتداخل إيحاءات اللفظ العربي ببعضه، ونفقد بذلك فهم أهم سمة من سمات اللغة العربية التي لو فهمناها يسهل علينا فهم القرآن كثيراً.

من هنا يتوجب علينا الخروج من الفهم التقليدي للألفاظ العربية نحو أفق أسمى، يُستشمّ المعنى الإيحائي العام منها.

وهذا الخروج ضروري لفهم القرآن الحكيم، إذ أنه في قمة البلاغة التي تتلخّص في رعاية التناسب الشامل بين الموضوع واللفظ، وبين الواقع والتعبير، فيكون كشف المنحنيات التفسيرية والإيحاءات اللفظية ذا أهمية خاصة في القرآن أكثر من أي كتاب آخر، لأنها معنية فيه بشكل لا يوصف.


يبقى السؤال عن كيفية الخروج؟

والجواب:

على الفرد:



1 - أن يتجرّد أولاً عن موحيات المناخ الفكري الذي يصور له معنى جامداً للفظ.

2 - ثم الرجوع إلى المادة الأساسية التي تجمع كل التصريفات للكلمة، والتفكير في المعنى المناسب لربط هذه المجموعات باللفظ،

فمثلاً: نجمع معاني يعرشون، عرشاً، معروشات، ونعود إلى تصريفات اللفظ الأخرى، عريش، وعرش، وما أشبه لتنشيطها جميعاً من البناء الفوقي، لأنه يجمع معاني سرير الملك والبناء، والمرفوع، وسيباط الكرم والخيمة من الخشب، هذه المعاني التي ذكرتها العرب لهذه الألفاظ.


3 - قياس موارد استعمال اللفظ ببعضها، ليعرف المعنى المشترك الذي يمكن أن يتصور جامعاً بين هذه الموارد، ومن الطبيعي أن يعتبر في الاستعمال أن يكون على لسان أهل اللغة المعتنين بالبلاغة.


وإذا كان قياس موارد الاستعمال ببعضها أفضل السبل لمعرفة المعنى الحقيقي للفظ ما، فإن أفضل قياس من هذا النوع هو قياس موارد استعمال الكلمة في القرآن ذاته، إذ أنه ولا ريب ذروة البلاغة العربية التي عجز عن تحديها أبلغ فصحاء العرب.


من هنا، يجدر بالذي يريد التدبر في القرآن ذاته، أن يبحث عن المعنى المحدد للكلمة في آيات القرآن ذاته. ليجد - بقياس بعض المواضع المستعملة فيها الكلمة ببعضها - المعنى الدقيق الذي يقصده القرآن).
وفيما يلي.
نستعرض بعض الأمثلة حول (التدبر في الكلمة القرآنية).

(1)




يقول القرآن الكريم: (مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيّاً وَلاَ نَصْرَانِيّاً وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفاً مُسْلِماً).


ماذا تعني كلمة (حنيف) هنا؟


الكثيرون يتلون هذه الآية الكريمة، وعندما تمر أمام أعينهم كلمة (حنيف) فإنهم لا يفهمون منها شيئاً، أو يفهمون منها معنى خاطئاً.

ولكي نفهم معنى هذه الكلمة، نعود إلى اللغة، لنجد المواضع التي استخدمت فيها هذه الكلمة، ثم لنستنبط من هذا المجموع، المعنى العام.

فنجد في اللغة: (حنف: مال، وحنف رجله: جعلها حنفاء، وحنف: اعوجت رجله إلى داخل فهي حنفاء وحوانف، والحنفاء: القوس) وهكذا، ونستنتج من كل ذلك أن معنى (حنف) هو: مال.
ونعود إلى التفسير لنجده يؤكد المعنى ذاته.

وعلى هذا، فيكون معنى الآية: (إن إبراهيم كان مائلاً عن كل المبادئ الزائفة، مسلماً لله تعالى وحده).

ونستنتج من ذلك أن للإيمان دعامتين:

رفض كل القيم، والأصنام، والمبادئ الزائفة.

والتسليم المطلق لله سبحانه، وحده لا شريك له.

فالإيمان يتلخّص في كلمة رفض، تشمل كل الإلهة والأصنام: (لا إله).

واستثناء واحد ينبثق من ضمير هذا الرفض المطلق: (إلا الله).

وبهذا، تنهار كل الحلول الوسطى، وكل المحاولات التوفيقية، بين الله، وبين الأصنام، مهما كان اسم هذه الأصنام أو شكلها.

وبهذا أيضاً نعرف خطأ أولئك الذين يحاولون الجمع بين الله، وسائر الآلهة.


(2)



يقول القرآن الكريم: (لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ * قَالَ الْمَلأُ مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلاَلٍ مُبِينٍ).


قد يبدو للنظرة العابرة أن كلمة (الملأ) في هذه الآية تعني (الجماهير)، وعلى هذا الأساس فإن الذين كفروا بـ (نوح) وغيره من الأنبياء، كانوا: عامة الناس.


وهنا قد يثار السؤال التالي:

لماذا كفرت الجماهير برسالات الأنبياء، ألم تكن رسالات الأنبياء تدعو الناس إلى فطرتهم، وضمائرهم؟!

والحقيقة: أننا لو فتشنا حول مدلول كلمة (الملأ) لوجدنا أنها تعني: (أشراف القوم الذين يملأون العيون والصدور هيبة)، كما تؤكده معاجم اللغة وكتب التفسير.

ومن هنا، نستنتج: أن الذين كفروا برسالات الأنبياء لم يكونوا (الجماهير)، وإنما كانوا (الأشراف) و (الوجهاء).
كما نستنتج من ذلك أن رفضهم لرسالات الأنبياء لم يكن من أجل عدم اقتناعهم بها، وإنما من أجل الحفاظ على مصالحهم الاجتماعية.



ثانياً:


تخيّر الكلمة


من نقاط الالتقاء بين (النظام القرآني) و (النظام الكوني): وضع كل شيء في محله الطبيعي المناسب له، بحيث يسبب أي تلاعب - ولو كان بسيطاً - خللاً في النظام وفساداً.

ففي النظام الكوني نجد أن كل ذرة من ذرات الوجود، وجدت لحكمة، ووضعت في مكانها الخاص بها لحكمة، بحيث لو حدث أي تغيير في ذلك، لاختل جانب من جوانب الحياة.

وفي النظام القرآني نجد أن كل كلمة في القرآن، وضعت في محلها الطبيعي، بحيث لا يمكن أن تسد أية كلمة أخرى مكانها، ولا أن تعطي نفس الأبعاد والظلال التي كانت تعطيها تلك الكلمة.


وهذا ما يدفعنا إلى البحث عن سر استخدام القرآن الكريم لهذه الكلمة لا غيرها، وبهذا الشكل لا غيره.

وفيما يلي، بعض النماذج الإيضاحية.

(1)


يقول القرآن الكريم: (أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ * حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ).


إن معنى الآية الكريمة واضح، وهو (على ما يعطيه السياق: شغلكم التكاثر في متاع الدنيا وزينتها، والتسابق في تكثير العدة والعدة عما يهمّكم وهو ذكر الله، حتى لقيتم الموت، فعمتكم الغفلة مدى حياتكم).


ولكن السؤال هو:


لماذا يستعمل القرآن الكريم كلمة (زرتم)؟ لماذا لم يقل: حتى سكنتم المقابر، أو ملأتم المقابر، أو حللتم المقابر؟!


والجواب:


ربما ليلفت الأنظار إلى أن المقام في القبر مقام مؤقت، وأن الدخول إلى القبر دخول زيارة لا دخول سكن. خلافاً للأفكار المادية الضيقة التي تعتبر الموت هو النهاية، والقبر هو آخر المطاف.



(2)


يقول القرآن الكريم، وهو يتحدث عن قصة زكريا بعد أن بشرته الملائكة بيحيى: (قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلاَمٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ)؟! (قَالَ كَذَلِكَ اللَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ).


وهنا، نجد القرآن يستخدم كلمة (يفعل): (كذلك الله يفعل ما يشاء
).


ويقول القرآن الكريم، وهو يتحدث عن قصة مريم بعد أن بشرتها الملائكة بعيسى:
(قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ)؟! (قَالَ كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ إِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ).
وهنا، نجد القرآن يستخدم كلمة (يخلق): (كذلك الله يخلق ما يشاء).
فما هو الفرق بين الموضوعين؟!


والجواب:

في قصة زكريا كانت عوامل الولادة الطبيعية (من وجود الزوج والزوجة وغيرهما) متوفرة، ولكن كانت هناك موانع في الطريق، والله سبحانه رفع هذه الموانع، ولذلك كان التفسير بـ (الفعل).

تماماً كما لو أن العلم توصل إلى علاج لرفع العقم، وإعادة الشيخ إلى صباه قوة وقدرة، فهذا لا يعتبر خلقاً للجنين، وإنما فعلاً) رفع العقبة عن الطريق.

أما في قصة مريم، فلم تكن عوامل الولادة الطبيعية متوفرة، وإنما كان تكويناً إعجازياً يرتبط بالغيب، ومن هنا كان التفسير عنه بـ (الخلق).


(3)



يقول القرآن الكريم: (وَلاَ تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَاماً)، (وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَعْرُوفاً).

عند النظرة السطحية العابرة قد يبدو أن الشكل الطبيعي للآية الكريمة كان يجب أن يكون: (وارزقوهم منها)، وليس (وارزقوهم فيها)، أليس كذلك؟!

ولكننا نستطيع أن نفهم من استبدال كلمة (
منها) بـ (فيها
): ضرورة استثمار الولي لمال السفيه، وعدم تجميدها على حالتها الأولى.

ذلك، لأنك قد تقول: (أكلت من الطعام)، وهذا يعني أن الطعام هو الذي أُكل. وأن النقص ورد عليه، لا على غيره.

أما عندما تقول: (أكلت في الصحن)، فهذا بالطبع، لا يدل على أنك أكلت الصحن، وإنما يعني أنك أكلت ما كان في الصحن.

وإذا كان القرآن الكريم يستخدم كلمة (منها) قائلاً: (
وارزقوهم منها
) لكان معناه: الأكل من نفس مال السفيه.

ولكن استخدام القرآن لكلمة (فيها) يدل على التوليد والتنمية المالية، فالمال هنا يظل محفوظاً، كما يظل الظرف محفوظاً في قولك (أكلت في الصحن). ولكن، ما تولد من هذا المال هو الذي ينفق منه على السفيه.

وهكذا، نستنتج من استبدال كلمة بسيطة مكان أخرى، هذه القاعدة الاقتصادية المهمة.


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
كيف نفهم القرآن (للسيد محمد رضا الشيرازي الحسيني "قده") ..الجزء الرابع ..
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى عشاق الزهراء :: المنتديات العامة :: منتدى الثقافة الاسلامية-
انتقل الى: